التجربة الروسية وإمكانية تطبيقها في العراق

التجربة الروسية وإمكانية تطبيقها في العراق

تتجلى حاجة العراق ، في الوقت الراهن، الى اقتباس تجارب اقتصادية من دول مرت بظروف مشابهة للظروف التي يشهدها البلد ساعدت في التحول من النظام الشمولي الى اقتصاد السوق لاسيما بعد حملة الاصلاحات التي باشرت بها الحكومة مؤخرا.

ومن التجارب العالمية القريبة لاقتصاد العراق هي التجربة الروسية، اذ اتضح الاتجاه المنهجي للتحول الاقتصادي فيها مباشرة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق،  ابان قيادة يلتسين لروسيا ما تطلب التحليل الاقتصادي في بُعدين الاول يتعلق بمضامين التحول المنهجي للاقتصاد الروسي والثاني يتضمن مايمكن تقويمه من الاداء على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، استنادا الى مؤشرات اداء مختارة. وفي هذا الشأن قالت الاكاديمية الاقتصادية د. وفاء المهداوي:» بان اهم ما ميز اتجاهات حكومة يلتسين الاقتصادية هو العزم في اتباع برنامج منهجي للتحول نحو اقتصاد السوق وفقا لاسلوب الصدمة، وكانت هناك اسباب كثيرة تدعو الى ذلك اهمها بان عدم نجاح التجارب الاصلاحية السابقة تاتي بسبب مشكلة التقلب عند الاصلاحيين اي التراجع السريع عن فكرة الاصلاح والعودة الى ما قبل الاصلاح».

واضافت المهداوي ان السبيل لعلاج ذلك هو اللجوء الى برنامج اصلاحي سريع وشامل لكي يصبح التراجع عن الاصلاح امرا مستحيلا، ثم ان فشل محاولات الاصلاح الاقتصادي المتوالية السابقة قادت الى ان يبدو للكثيرين بان التحول الاقتصادي وفقا لمنهجية الصدمة هو الخيار المعقول والوحيد.

وأشارت المهداوي الى ان التجربة البولندية  والتشيكوسلوفاكية التي طبقت عام 1991 وما حققته من  نجاحات عند انتهاجها لمنهجية الصدمة قاد صفوة من الاقتصاديين الشباب الروس للاقتناع بان افضل حل متاح هو القيام بتغيير جذري وسريع وشامل للنظام الاقتصادي.

وتابعت بدأ العمل التطبيقي لمنهجية التحول بالصدمة في شهر كانون الثاني من عام 1992 وفقا لبرنامج جاء متطابقا مع رؤية صندوق النقد والبنك الدوليين، وعليه جاء تحول الاقتصاد الروسي نحو اقتصاد السوق متناغما مع مراحل التحرير والتكيف الهيكلي التي نادت بها هاتان المؤسستان.

واوضحت المهداوي بالقول» تصنف اجراءات التحرير الاقتصادي في روسيا على صعيدين محلي وخارجي، فالمحلي تضمن محورين هما الاسعار وتحرير  التجارة المحلية، اما التحرير الخارجي فاهتم بتحرير نظامي الصادرات والواردات. وجاء نظام تحرير اسعار المنتج واسعار المستهلك بدفعة واحدة في الثاني من كانون الثاني من عام 1992 بهدف التحول الشامل نحو استخدام التعريفات الحرة التي تنشأ تحت تاثير العرض والطلب على المنتجات الصناعية والتكنولوجية وسلع الاستهلاك العامة، وبذلك  اصبحت الاسعار الحرة تطبق  على  جميع المنتجات تقريبا. اذ كان 80  بالمئة من اسعار المنتجات حرة والباقي المستثنى تركز في  اسعار الطاقة والنقل بعد ان تم رفع اسعارها اداريا بخمسة امثالها». وتابعت: اما اسعار المستهلك فقد تم تحريرها بنسبة  90 بالمئة، وماتم استثناؤه من التحرير عبارة عن مجموعة من السلع الاساسية جدا مثل بعض انواع الخبز والالبان واغذية الاطفال، اذ كانت الفكرة من ذلك طمأنة الشعب الروسي على ان هذه المنتجات ستظل رخيصة الثمن الى درجة مقبولة.

 

وخلصت المهداوي اما عن تحرير التجارة الخارجية فقد حررت روسيا نظامها التصديري بالكامل في عام 1992 واصبح سعر الصرف موحدا والروبل الروسي قابلا للتحويل للعملات الاخرى. اما فيما يتصل بالنظام الاستيرادي فقد كان الشاغل الاقتصادي المهيمن في روسيا هو كيفية سد اوجه النقص المحلي من السلع الاساسية ولاسيما الغذائية منها. وبذلك لم تكن لدى روسيا خلال النصف الاول من عام 1992 حصص استيرادية لكنها اخذت  العمل  بتعريفات  استيرادية  موحدة ومخفضة.

برمجة وتصميم المرام