الشاعر والمترجم نصير فليح في اتحاد الأدباء

الشاعر والمترجم نصير فليح في اتحاد الأدباء

بيّن الشاعر والمترجم نصير فليح أهمية الكتاب الذي أقدم على ترجمته وصعوبة عمله على مدى مدة ليست بالقصيرة، وأشار فليح خلال الجلسة الاحتفالية التي أقامها له اتحاد الأدباء العراقيين يوم الأربعاء الماضي، وقدمها الشاعر عمر السراي، إلى أن لكل واحد مخاضه ولونه وطريقته وسمته، لكن هذا الابن الذي نتحدث عنه اليوم له ميزة مختلفة عن الآخرين، ليس لأن الترجمات الفلسفية قليلة أصلاً في الثقافة العراقية، وهي كما يرى في الجانب الفكري والنظري لا تصل إلى مستوى ثقافات أخرى عربية أكثر تقدماً استطاعت أن تقدم نماذج فكرية وكتباً وترجمات اطلعنا عليها ووصلت بغداد منذ خمسينيات القرن الماضي.

وسبب هذا أن النهضة والحداثة وصلت الشام ومصر قبل العراق، بسبب البعثات وإنشاء المطابع، لم يعشها العراق إلى مع القرن العشرين.

مضيفاً أزعم أن هذا الكتاب له قيمة تتعلق بأرقام ووقائع، مثلاً المنظمة العربية للترجمة منذ تأسيسها في العام 1999 أصدرت ما يقارب 75 ترجمة فلسفية، هذه أول ترجمة عراقية في الفلسفة.

ثانياً المنظمة نفسها رشحت هذا الكتاب إلى جائزة الشيخ زايد ووصل الكتاب إلى القائمة القصيرة من ثلاثة كتب فقط في مجال الترجمة، أعتقد أن هذه المؤشرات تفيد بأهمية الكتاب. كما تحدث فليح عن أهم المشاكل التي تتعلق بترجمة الكتب الفلسفية، التي يحصرها بالمصطلحات وتمثل مشاكل كبيرة في مجال الفلسفة، فالكثير منها استقرت في الفلسفة الغربية بسبب تواتر ترجماتها منذ ثلاثينيات القرن الماضي وحتى الآن، "لكن في مجال الفلسفات الآسيوية لم يخلق التواتر الذي يسمح باستقرار المصطلح، فلم نعرف سابقاً سوى كونفوشيوس وبوذا، في حين نجد أن مصطلحات هذا الكتاب بالعشرات، لهذا كان علي أن أحرث في أرضبكر، وأن أؤسس لمصطلح، وقد أشرت إلى المنهجية التي أسست فيها مصطلحات الكتاب، فقد كنت أنقل عن اللغة الإنكليزية، والمؤلف الأميركي يتحدث عن الفلسفات بلغتها الأم، فظهرت هناك مشكلة مزدوجة، مشكلة المصطلح الإنكليزي والمصطلح الآسيوي، وحاولت أن أؤسس لها، ولأول مرة وضعت حركات على الكلمات والألفاظ الآسيوية، ففي السابق يبقى القارئ العربي يراها حروفاً لا يعرف كيف يلفظها، ويمكن لفظها بعدة طرق متباينة، إلا أن المؤلف أفادني بنقل الأصوات بطريقة صوتية، اعتمدت على الطريقة نفسها في وضع الحركات".

وتعقيباً على حديث فليح وأهمية الكتاب في الثقافة العربية، تحدث الناقد علي حسن الفواز قائلاً.. إن الترجمة معرفة وتمكين، ولا يمكن للمترجم أن يتورط في منطقة ما إن لم يكن يملك القدرة والمهارة والدراية التي تؤهله لأن يكون قادراً على ممارسة توغل عميق وكشف عميق، وأن يتعاطى مع كل ما يمكن فهمه من النص الذي يترجمه. و"الحديث عن موضوع الفلسفة الآسيوية يقودنا إلى موضوع ربما هو أخطر مما نتحدث عنه، فقد اعتدنا على الفلسفة من خلال علاقتها بالفلسفة الإغريقية واليونانية، ومن ثم الفلسفات التي أنتجها العقل ما بعد المسيحية، لربما لدوافع لها علاقة بطبيعة الاستعمارات والترجمات، حتى حينما نتحدث عن الترجمات التي شاعت في القرن الرابع الهجري هنا في بغداد، كانت جميعها عن اليونانية، ولم يتحدث أحد عن الترجمات الشرقية. لكن يبدون أن هذا المسكوت عنه ظل إلى حد ما عميقاً، ولم نفهم من هذا الشرق سوى الديانات التقليدية المشبعة بالفلسفة، أيضاً تعرفنا على الفلسفة الشرقية من خلال الغرب، عن طريق سد هارتا ولعبة الكريات الزجاجية".

وأكد الفواز أن هذا الكتاب كتاب تعرّف، "شخصياً شكل لي صدمة، وفتح أمامي مساحات كثيرة".

أما د. جاسم بديوي فتحدث عن إقدام فليح على ثلاث مغامرات، أولاً أن يترجم كتاباً فلسفياً، وأن يكون الكتاب عن قارة منسية وفكر مهمل، والمغامرة الثالثة هي ترجمة هذه الفلسفات من دون مرجعية معرفية. "فاجأنا شخص غير متخصص بالفلسفة بترجمة أثر من الصعب ترجمته من قبل المهتمين بالفلسفة أنفسهم، وبالنتيجة، فهذه المغامرة المحصورة بالدائرة الشرقية ومداخلها ومتاهاتها تحتاج إلى جهد جبار واستثنائي".

 

طبيعة الشرق تنتج فكراً ممزوجاً بالأسطورة والدين، فليس هناك استقلال، في حين نجد أن الفسلفة ميدان مستقل في الثقافات الأخرى، لها منهجها وسياقاتها.

برمجة وتصميم المرام