الكتب بوصفها آثاراً

الكتب بوصفها آثاراً

 

 

نقلا عن شبكة الاعلام العراقي 

لم يكن حرق المكتبات وتهديم الصروح التاريخية والإثارية على يد "داعش" شيئا مستغربا، فالتاريخ يسطر الكثير من الحوادث المشابهة لغلاة ومتشددين أفتوا بحرق العلم والعلماء، فراح ضحية أفعالهم العديد من المكتبات العلمية والفلسفية والتاريخية، وشواهد التاريخ أكثر من أن تحصى في مقال، إلا أن المشترك فيها جميعا هو إرهاب الفكر التكفيري..

يذكر التاريخ أمر الخليفة العباسي الناصر لدين الله وبتحريض من رجال الدين المتشددين، بحرق مكتبة عبد السلام بن عبد القادر البغدادي" الركن" وهي من أمهات المكتبات آنذاك، والتي نالت شهرة واسعة بوصفها جامعة لكتب الفلسفة والعلوم الخاصة بالأوائل، بحجة إفسادها للعقل، كذلك الحال مع مكتبة " سابور" 992م في مدينة بغداد ، التي أحرقت بأمر من طغرل بك السلجوقي سنة 1095 م، إذ حوت ما يقرب من 10400 كتاب منوع من بينها مئة مصحف بخط ابن مقلة.

ولعل الحادثة الأشهر هي حرق بغداد ومكتباتها على يد المغول بقيادة هولاكو حفيد جنكيزخان عند احتلال بغداد العام (1258م-656هـ) وإذا كان غلاة التاريخ قد أحرقوا المكتبات العامة، فان إرهاب داعش طال كتب المنازل التي هتكوا حرمتها وعبثوا بها بحثا عن المال، وكل ما يمثل خطرا عليهم ألا وهو الفكر، فصادروا الكتب الشخصية وأحرقوها في ديالى والموصل ناهيك عن المكتبات العامة" المكتبة العامة في الموصل" والكنائس ودور العبادة..

إن أفعال "داعش" سلسلة إجرامية متواصلة، لها جذورها التاريخية، فهم امتداد لأسلافهم من التكفيريين والمتشددين الذي حاربوا العلم والعلماء فقضوا على نتاج فلسفي وفكري وديني بحجة التكفير والخروج عن الملة، إذ لم تسلم كتب الدين الذي ينادون بتطبيقه ليل نهار من شرورهم، وفلسفتهم العمياء، التي فصلت البشر بين تابع وكافر. لقد أضاف التاريخ نكسة أخرى، وما أبشعها من نكسات أمتنا على يد أئمة الجهل والتكفير.

 

لذا أصبح لزاما علينا كعراقيين أن نعيد تشييد صروحنا الثقافية والعلمية من جديد، وأن نجتث جذور أي فكر قد يلتقي مع أفكار هؤلاء القتلة في كتب الدين والمناهج  الدراسية، وأن نسعى بإخلاص لإشاعة الثقافة في المجتمع، فهي سلاحنا الأمضى في وجه الجهل والتخلف والإرهاب

برمجة وتصميم المرام