الرمزية الوطنية في رواية (الصورة الثالثة)

الرمزية الوطنية في رواية (الصورة الثالثة)

د. حمام محمد زهير لم أتردد لحظة واحدة، في الانتقال مجددا الى ما يكتبه الروائي العراقي علي لفتة سعيد، من موضوعات روائية، تناقش الوطنية من الداخل، وقد قلت عنه في روايته (مواسم الاسطرلاب) بانه كائن يحيا في عمق الوطنية والتأريخ، وها أنذا ألامس روايته الجديدة (الصورة الثالثة) بالمقاييس النقدية المتوفرة عالميا، لان مثل قلمه لا يمكن الا ان يكون مستقيما على ما ذكر امبريتو ايكو من استقامة، النفخ الانساني، كما سهل عليّ اسلوبه البسيط، الدخول في ملفوظات عربية من الداخل وذلك هو ديدني، وقد قسمت هذا العمل بين الليالي والايام كل يوم انا في اطلاع واكتشاف لما يكتب هذا الرجل، فجاءت الدراسة ملبنة بكثير من فواصل النقد التي تمس النص كأخيلة وواقعية متضامنة دكة واحدة لا يعوزه التنميق ولا التبجيل لان كل ما في القضية وطن ويوميات مواطن غلبان لكنه مثقف. ولا أخفي من البداية ان أسلوب علي لفتة سعيد غنيّ بالاطراد الثقافي المنصب داخل الفكرة، فلا يكفي ان تبين الفكرة حتى يشرحها بما يدل عليها من ايقونات ادبية جميلة.

التفصيل المتأقلم

نعني بالتفصيل المتأقلم هو استعمال اسلوب الروي المتفرد مدعما بشرح موازٍ لكنه توضيحي في شكل خاطرة جمالية، فتحس انك تقرأ الاثنين (الحكي والخاطرة) ومرد هذا هو الثراء، ولكي نوضح للقارئ العربي فطنة التفصيل المتأقلم نذهب الى الصفحة رقم (9) وهي الانطلاقة.. يخرج السارد على العاشرة صباحا.. الجملة واضحة يسترسل بعمق وخاطرة جياشة بقوله (أحاول ان أرمم ما تساقط من هفوات، لكي أتعرف على مزايا أخرى)، تعتريه قوة النشاط البدني في رفع أشيائه وترميم بقايا أخلاط كانت في الكان الماضي، هو يقدر الخروج ليس مبكرا لأن ثمة خوفا من  قرع الطبوع عندما تهدأ تخرج الأنا الى العلن مشتتة فانتهاء العاشرة يصنع الوحدة وكان العالم لم يقذف في الارحام لتزيده الوحدة محاصرة، بسبب الفراغ، هنا تخرج الاخيلة، بين الوحدة والمتكلم والفراغ، يخرج اختيار المكان، وكأنه يغمض عينيه فالتفصيل هنا خروج السارد على العاشرة، والمتأقلم تلك العوالم المتناثرة (الاخيلة الفراغ الوحدة القاتلة والمكان الموعود) هي تداعيات سرمدية حسبها السارد حسبة رياضية، مما أربك المتابعة عند القارئ العادي وزادها متعة وانسيابية عند القارئ المتمرس او المتأقلم.، لماذا هذه المقارنة بالتأكيد يظهر ان القارئ العادي يبحث عما بعد الحدث عندما خرج السارد على العاشرة  ثم ماذا لا يجد الجواب الا بعد ان  يقرأ التفصيل حتى يحدث لديه تأقلما بينما عند القارئ المتمرس هناك مولدات بعد العاشرة  كما قلت في البداية تظهر شروحاتها كأنها خاطرة أو كأنها بقايا من حكم فلسفية أو بلورات هوميروسية، واذا تتبعنا اختصاره للزمن كما ذكرت في الصفحة 9 ففي الصفحة 10، يعطي السارد توضيفا نفسيا ذا مغزى سيكولوجي اي يظهر عناصر شخصيانية تتعلق بالسارد على لسانه منها ( التخوف، الهلوسة العزم، المرض بالطنين، الارتجاف) حالات حدث في الساعة الموالية، يقول ثمة طنين، لنركز من الناحية العلمية على الطنين في الاذن الداخلية يحدث لا توزان وارتجاف وهو ما علله وتلك نقطة مبهرة فقد وصف الحالة المرضية التي تعتريها لاسيما بعد مرور ساعة كاملة من الاخيلة التي صدمته.

تشخيص المتوازنات

يظهر الراوي مسألة التردد في مسايرة أنموذج القبول والرفض، بمجموعة من المعللات التي اضافها لتبرير ما هو مقدم عليه من الخوف من الاخر في حالة فيزيزلوجية منذرة  بانفتاح على التأويل فهو يخاف ان يظن به سوء خاصة وهو مطالب بان يبقى قويا، فالتشخيص ارتكز على استبانة مرض القلق والتشتت حيال ما يسمع مما يعني ان السارد ذا قيمة رفيعة في مجتمع يكثر من التأويل وخاصة في  زمنه لان ما جرى يفوق صبر الانبياء، تظهر شخصية محاسنة التقارنية على سبيل الاستشارة (سمعت ضحكتك المجلجلة، ومن طبولها تناهت الى اذني  حروفك….فصرخت بك مرة أخرى، حملت أدواتك المغناطيسية وقلت لي إلحق بأمك) بدأ يبني الراوي تطابقا اشكاليا بين موت أب في شتاء هزّ المضاجع وأم مازالت تضمد جراحها، انظر كيف يتقوى الاسلوب ليعبر الراوي عن تشخيص مثالي لحالة المأساة الوطنية (عرفنا كيف تحمر العيون وكيف تذرف الدموع) ثم تدخل صفو الائتمان أو الصداقة فهو يوجه للآخر قد يكون الراوي نفسه او الشخص الذي سوف يحدث التأقلم في  شخصية الراوي نفسها (محسن) صاحب الانطلاقات السحرية الثلاث، عندما يقترح عليه مكانا يريد الهروب اليه بدلا من القمر كانت  سلوى.. فمن هي  شبق يزحف قارعا لمتاهة اي انثى تريد ان تسكن ادم.

 

 

برمجة وتصميم المرام