بوغيز العجيب (1) ضياء جبيلي الثالوث المقدس .. الجنس، السلطة، الدين

بوغيز العجيب (1) ضياء جبيلي الثالوث المقدس .. الجنس، السلطة، الدين

متابعات - ديوان محافظة البصرة 

يقدم الروائي العراقي ضياء جبيلي روايته القصيرة( نوفيلا من 88ص) في اعتبارات متعددة من كونها رواية رجالية تستنطق مفهوم ( القضيب) و دوره في التحولات السياسية الطبقية، و اختياره حقبة حساسة دفينة من مدينة منعزلة مهمشة من تاريخ غامض تنطبق عليه سمات المجتمع العبودي تشابه صدفة او بقصد مع ملامح عصر كادت طبقة العبيد و اجراء الارض والاقنان ان يفتكوا بالدولة ويغيروا سياسة التاريخ ساعدهم الظل الممدود للثالوث المقدس ( الجنس و السلطة و الدين) و فوق ذلك اجرى الروائي ضياء جبيلي عالمه السردي على وفق إعلاء شأن الذكورية بوصفها سمة المجتمعات التي تمسك فيها الابوية بتلابيب التحولات السياسية الى جهة التدمير المدوي الذي يتزعمه القضيب الذكوري ( في تفسير فرويد) ( 2) و لحقه جاك لاكان بتحليله (3) في تحليل العلاقة بين الذكورة و الانوثة ، و الحاجة الى عملية الخصاء( عقدة الخصاء)(4) فقد وصفها فرويد للمرة الاولى عام 1908 وقرر ان الطفل لحظة اكتشافه الفارق التشريحي بين الجنسين( وجود القضيب من عدمه ) يفترض ان هذا الفارق ناتج عن ان عضو الانثى قد تم بتره، عقدة الخصاء إذاً هي اللحظة التي يتم تعويض نظرية طفلية (لدى كل شخص قضيب ) بأخرى جديدة ( لقد تم خصاء الاناث ) هذه الفكرة نقلها الروائي الى عالمه السردي دون التفكير بالسياسات الجنسية النصية التي تنتهك روايته كما تذهب الى ذلك الناقدة النسوية توريل موي (النسوية و الادب) لكن الاجراءات الثلاثة التي اتخذها قبل الولوج الى متن الرواية، قوله بأنها مخطوطة قديمة قدمها له المحاضر (فرانسوا ديروش )واكتشف بعد تدقيقها مجهولية المؤلف مبعدا عنه تهمة تأليفها او تحمل مسؤوليتها القانونية والاخلاقية والثقافية، و ثانيا اكتشافه التطابق شبه الاكيد، ليس في التفاصيل، إنما في الصورة النمطية لثورة الزنج العباسية (5) وواقعا في الصورة النمطية الخاطئة بأن العبيد سود البشرة دوما، ويمتلكون ايوراً وقضبان ضخمة انحدروا بها من اسلافهم الافارقة ( خاصة من زنجبار) الصورة التي رسمتها الف ليلة وليلة، ومازالت ترسم في الافلام الاباحية (خاصة افلام الممثلة الاباحية سارة جاي) ووجدناها في بوغيز وعضوه التناسلي الذي يتدلى بين فخذيه كساق ثالثة و طلت تجره اخته ( نفرين) منه في اول وصول قافلة العبيد الى قصر الباشا، و طل مطمح كل نساء ( الكرخانة) في اوقات الحاجة الى المجامعة التي حرمن منها أثناء إحجام ازواجهن عن التقرب اليهن بعد مقتل (عزت رفقي باشا) يقض شهواتهن بضخامته المرعبة، و ثالثا خلق دستوبيا في مكان بني على انقاض تلك المدينة التي سكنها العبيد في مدينة الزنج العباسية التي افنى معظم اهلها الطاعون وشخصت خرائبها في عين بؤرة التكدس العبودي، ولعل الصورة التي رسمها الروائي لمدينته الفاسدة المحكومة بالجنس والسلطة والدين اقرب لأجواء (أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث) للمؤرخ البريطاني لونكريك حيث رسم لونكرك النهايات السياسية للعهد العثماني في العراق بما تحمله المنطقة من تشابه في البنية الطبقية وان تعاقبت العصور، لكن المستهل الذي قدمه الروائي و يحمل موت السلطة التي تحكم ذلك المجتمع العبودي (صباح يوم من ايام الصيف المؤرقة، في احد البساتين قريبا من النهر، على الارض المعشبة، بين يقان السوس وحشائش الحلفاء التي تنمو على حافتي السواقي الصغيرة ، و جدت جثة (عزت رفقي باشا ) مغطاة بأوراق البامياء ص 17 ) وهذه الصورة المأساوية في موت الحاكم وخلو السلطة ورفض دفن الجثة حتى إدراك قاتله وان طالت مدة البحث وتعفن الباشا قد اثارت السياسات الجنسية النصية في العلاقات بين الجنس والسياسة وتحرك الدين في توجيهها ناحية الخراب الروحي والثقافي للسلطة، لأن تعطل السلطة يفتح الباب على حمى الجنس الذي يشعله الرجل وتتأثر به المرأة، وتكون لا محالة ضحيته الاولى والاخيرة في رواية نشم منها رائحة السائل اللزج كصدأ النحاس الذي يقذفه قضيب عبد من العبيد مثل بوغيزبين افخاذ النساء السحاقيات ، ويطرح تحديد طبيعة الكتابة السحاقية نفسها بعض الإشكاليات فالمرأة السحاقية من الناحية التاريخية مستبعدة من التشريعات القانونية والتصوير الثقافي للمرأة بتجاهل مشاعر الحب التي تشعر بها المرأة تجاه المرأة ( 6) و ان تساءل احد ما، ما علاقة الكتابة السحاقية بالسياسة الجنسية التي تطرحها الرواية، ان الكاتب يعرض نمطا من السحاقية السياسية في شخصية بوغيز الزنجي، فبإمكانه ان يطلع على شعور النساء في البيوت التي يزودها بالماء، و إذا ما اتيحت له الفرصة فإن باستطاعته رؤية اكثر من ذلك كالسيقان العارية والافخاذ المكتنزة والصدور الناهدة دون ان يثير ذلك قلق الاهالي، ما دام لا يملك القدرة على المضاجعة او حتى التفكير بالاستمناء بمجرد رؤيته ردف امرأة او ساقها الملساء ص20 ومجرد استعراض مجزرة الاخصاء التي اجراها عزت رفقي باشا بعد سلسلة الفتيات اللاتي يمتن في ليلة دخلته عليهن و نجت (نظلة خانم) بعد مقتله لعبيده، من ضمنهم بوغيز تحققت تلك السحاقية السياسية في الجسد الانثوي الذي لا يهدأ لا وفق سياسة إشباع مدروسة، في ان تكون العلاقة بين الجنس والسياسة قائمة على موضعة الجسد، و بينما يظل نسب الباشا القتيل، ومن اين جاء غامضاً، رغم ان سعيد بكر افندي وهو في جنونه وهذيانه يتحدث في المقاهي و السوق المربع لمدينة الكرخانة ان الباشا القتيل هو ابنه مكي الذي هرب لما جرد المتصرف العثماني من كل امواله وعاد كي يثأر، و قد اصبح شقيا وقتل مسيو سيمون الفرنسي ونهب اموال المتسلم لأموال الجزية، ودليل سعيد بكر افندي ان الباشا هو ابنه مكي وحمة القضيب الاسود الكبير على زنده حينما كانت امه حاملا به واشتهت عبدا، يظل الدين في صورة عبد ربه المفتي، ومن ثم ابنه غالي يتبع السياسات الجنسية النصية التي تتطابق مع ارادة السلطة وان كانت غائبة، فالدين يفوض للجنس عبر التاريخ ان كان يعني وسيلة من وسائل السلطة (7) ان يحل كل الإشكاليات التي تعترض غاياتها، ولما قتل الباشا، وآلت السلطة للدين وجدنا ان غالي يحرم على الرجال والنساء الاقتراب من بعض، و ان يتوقف القضيب في جانبه الشرعي والحقوقي ان يؤدي عمله حتى استطالت شهوات النساء و عصفت بمهابلهن ايور الزنى وطاف قضيب بوغيز السقاء على اخيلة النساء الجامحات للرغبة المهووسة للرجال، وظل الدين يدفع الى الطريق الوحيد بعيدا عن السلطة الا وهو المسافحة، و لما تفاقمت ازمة الزانيات القى التهمة على العبيد الذين يمتلكون القدرة في تحريك القضيب، حتى انتهت الى إعدام بوغيز باعتباره الصورة المرعبة للقضيب

برمجة وتصميم المرام