مهرجان المربد وسباق الشعر الغائب

مهرجان المربد وسباق الشعر الغائب

ما أن أعلن عن موعد انطلاق فعاليات مهرجان المربد الثاني عشر حتى بدأت المقالات في الصحف العراقية والمواقع الالكترونية، إضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي، بالكتابة والاعتراض على طرق اختيار أسماء الشعراء المشاركين، وكيفية توزيع الضيوف على الفنادق، واكتظاظ الجلسات الشعرية بأسماء الشعراء التي تجاوز بعضها الـ27 شاعراً، فضلاً عن الجلسات النقدية التي لم تكن مدروسة إلى درجة أن اللجنة الثقافية كانت حائرة فيما ستقدمه في اليوم الأخير من المهرجان، إذ لم يكتب أي ناقد في محور (النقد والفنون
المجاورة). الاعتراضات كانت حتى من قبل أعضاء اللجان التنظيمية في المهرجان، فقد أعلن الشاعر كريم جخيور عن تسلط رئيس لجنة المهرجان العليا الدكتور محمد حسين آل ياسين في اختيار الأسماء وتوزيعها على جلسات المهرجان. وفيما بعد كتب الشاعر عبد السادة البصري على صفحته في الفيس بوك عن مشكلة اختيار الشعراء العرب، قائلاً: «من مفارقات مهرجان المربد اللاشعري.. شويعرات أو شواعر أو أو أو.. من دول عرب يستقتلن على أن ندعوهن للمربد، وهن (لا بالعير ولا بالنفير) وحين يصلن المربد ويبدأ مراسلو القنوات الفضائية البسطاء حدّ السذاجة بالركض وراءهن للقاء هنا وهناك.. ينسين أنفسهن ويتصورن بأنهن شاعرات كبيرات….». من جانب آخر، كان تقسيم الشعراء إلى ثلاثة (مستويات) في السكن كان له ردود فعل أخرى.. وكان تصريح علي الإمارة، المسؤول المالي في اتحاد أدباء البصرة على صفحته في الفيس بوك مثار امتعاض بتسميته أدباء (آخرين) على حدِّ قوله: «فندق نخلة البصرة فندق جديد. بني بمواصفات خاصة سيفتتحه أدباء العراق كونهم أول وفد يملؤونه بقصائدهم ورؤاهم وأحلامهم (…..) علماً أن الأدباء الآخرين سيكونون في قصر العباسي وهو من الفنادق الجيدة في البصرة أما الأدباء العرب والعراقيون من الخارج فسيكون سكنهم في فندق الشيراتون

فإذا كانت الصرخات تتعالى من القائمين على المهرجان أنفسهم، فكيف ستكون آراء الكتاب العراقيين، المدعوون منهم أو الذين رفض رئيس اللجنة العليا دعوتهم؟

حاولت  أن تقدم عدة تساؤلات للشعراء المشاركين، منها: ما الذي يقدمه مهرجان شعري الآن؟ وهل يمكن أن يغير من البيئة الثقافية العراقية؟
الشاعر عمر الجفال يشير إلى أن محتوى المهرجانات الشعرية يبقى هو الأهم وليس إقامته فحسب، ومن ثمَّ ما تقدمه وما تضيف للثقافة من خلاله… غير أن مهرجان المربد الشعري ظل على ما هو عليه منذ تأسيسه وحتى هذه اللحظة، وما زاده أسى في بعض الأحيان أن المدعوين من الشعراء العرب الذين كان من الممكن أن يستفاد من تجربتهم الشعرية، صاروا أقل جودة مع كل مهرجان جديد، هؤلاء لا يدعوهم شعرهم، بل المحسوبية والصداقات والعلاقات، غير أن التساؤل المهم هنا، هو: إلى أين سنصل؟ يجيب الجفال قائلا إن الوضع الثقافي في العراقي لا يقل عن الوضع السياسي سوءاً.. فإذا استمر الوضع السياسي على ما هو عليه ستستمر المهرجانات بالانحدار وهبوط المستوى الإبداعي والموضوعي.. مضيفاً: البدائل تكمن في قيام الجمعيات والمنظمات التي لا تتبع الحكومة بفعاليات حتى وإن كانت صغيرة، إلا أنها ستكون أفضل حالا مما تقدمه الحكومة ومؤسساتها

أما الكاتب علي العبودي فيرى أنه كانت هناك مشاكل كثيرة في التنظيم والاختيارات، و»لم نجد شاعراً حقيقياً يبهج الذائقة الأدبية، رغم أن هناك شعراء رائعين لكن لا أحد يدعوهم في هذه المهرجانات… أما على مستوى القراءات الشعرية فلم تقرأ قصيدة خلال أيام المهرجان يمكن أن تمثل الشعر العراقي الحقيقي». كلام العبودي هذا تبعه رأي آخر، إذ يبين أن نظرة سطحية للمشهد الثقافي سيجد المتلقي العابر أن هؤلاء الشعراء من ضمن بنية الثقافة العراقية، غير أننا لو حاولنا تقويماً أو نقداً، فأغلب المدعوين لا علاقة لهم بالشعر، فالشاعر الحقيقي لا يجد له مكاناً في مهرجانات كهذه لأنه يرفض أن يكون ضمن جماعات لا علاقة لها بالأدب

رأي العبودي يوافقه الشاعر ثامر سعيد الذي يجد في العراق الكثير من الشعر الجيد، «لكن من قرأ في هذا المهرجان لا يمثل الشعر العراقي، فهناك طاقات كبيرة لم تتمكن وزارة الثقافة ولا اتحاد الأدباء من إخراجها… وكل هذا بسبب الاخوانيات والشلليات التي أبرزت ما هو رديء على حساب الجيد».من جانبه يشير الشاعر عماد كاظم العبيدي إلى أننا نعيش في معضلة الثقافة بتشكلاتها وتكوناتها، في جميع قضاياها وما تتكون منه، لذلك لا بد من أن نضع بعض المثابات التي من الممكن أن تشكل نقاطاً لإعادة روح الثقافة من جديد. مضيفاً أنه قد يكون المهرجان واحداً منها، ربما قد يكون في مثل هذه الظروف للمهرجان صدى ليس بالمستوى المطلوب الذي كان يتوقع منه المتلقي والشعراء الحاضرون، لكن «أرى أنه لا بد من إقامته لكي نعيش الأمل الذي بدأنا نفقده شيئاً فشيئاً. وفي جوابه عن سؤال ما الذي سيضيفه هذا المهرجان للثقافة العراقية؟ يجيب العبيدي أنه ربما ستبرز بعض الأسماء الشابة من خلاله، فهذه الأسماء لا تستطيع أن تظهر إلى الواجهة من دون وجود مهرجان كهذا، النقطة الثانية ربما يعطي نوعاً من الأمل بلقاء الشعراء والكتاب مع بعض، وطرح نتاجاتهم الجديدة ومناقشتها. إلا أن العبيدي يؤكد أن هذه الأسماء لم تظهر حتى الآن، فمشكلة مهرجاناتنا جميعاً أن الأسماء نفسها تعاد مع كل مرة

برمجة وتصميم المرام