مأزق الشباب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

مأزق الشباب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

متابعات - ديوان محافظة البصرة 

صدر حديثاً عن سلسلة «ترجمان» في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب فلسفة ابن باجة وأثرها، وهو ترجمة جورج زيناتي لمؤلفه بالفرنسية La Morale d’Avempace، يحاول فيه مقاربة ابن باجة من الناحيتين الشخصية والمعرفية، والإضاءة على أبرز مكونات فكره الفلسفي ورؤيته للإنسان عقلاً وجسداً، ودراسة تأثره بمن سبق من فلاسفة، وتأثيره في من لحق منهم، في الشرق كما في الغرب.

يقع هذا الكتاب (132 صفحة بالقطع الوسط، موثقاً ومفهرساً) في سبعة فصول وخاتمة. في الفصل الأول، حياة ابن باجة ومؤلفاته، يعرض زيناتي حياة ابن باجة بأوجهها المتعددة ومؤلفاته والمخطوطات المختلفة.

يتناول المؤلف في الفصل الثاني، في الميتافيزيقا، مرتكزات فلسفة ابن باجة في الميتافيزيقا بالتفصيل، معرفاً الميتافيزيقا، ثم معرفاً الإنسان، لينتقل إلى علاقته بالروح والعقل الفعال والعقل المستفاد. يعالج زيناتي في هذا الفصل معضلتين فلسفيتين مترابطتين، هما خلود النفس بعد الموت، ووحدة النفوس. أما مسألة اتصال العقل الإنساني الفردي بالعقل الفعال، فيعالجها من زوايا ثلاث: نفسية ومنطقية ومعرفية، ويخلص إلى أن الإنسان يحتاج في حياته إلى الآخر، ضمن ما يمكن أن نسميه الفلسفة الأخلاقية.

في الفصل الثالث، الإنسان تحت نظام التدبير الجسدي، يتطرق زيناتي إلى وقوع الإنسان تحت نظام التدبير الجسدي، فيقول إن ابن باجة يرى أن الناس يخضعون لنظام الجسد، بمن فيهم الحكيم، لذا فعلى هذا الأخير أن يتمتع بشجاعة تجعله يضحي بصورته الجسدية حين يقتضي الأمر ذلك، ويتطهر تماماً من أهوائه.

تدبير روحي.. تدبير عقلي

يدرس زيناتي في الفصل الرابع، الإنسان تحت نظام التدبير الروحي، التصرفات التي تهدف إلى إثارة الآخرين والالتذاذ؛ إن من خلال الحس المشترك، أو من خلال القوة المتخيلة، أو من «يعالج زيناتي في الفصل الثاني من الكتاب معضلتين فلسفيتين مترابطتين، هما خلود النفس بعد الموت، ووحدة النفوس. أما مسألة اتصال العقل الإنساني الفردي بالعقل الفعال، فيعالجها من زوايا ثلاث: نفسية ومنطقية ومعرفية، ويخلص إلى أن الإنسان يحتاج في حياته إلى الآخر، ضمن ما يمكن أن نسميه الفلسفة الأخلاقية»

في الفصل الخامس، الإنسان تحت نظام التدبير العقلي، يبحث زيناتي في نظام التدبير العقلي الذي يصبح الإنسان مهيأً للعيش في ظله، ما إن يتخطى المعوقات المذكورة في الفصل السابق. فيعرض الحالة النفسية للعائش في نظام التدبير العقلي، ومن ثم يعدد سمات المتوحد، ويرسم صورة لمدينته الفاضلة وسكانها النوابت.

في الفصل السادس، الفلسفة السياسية، يطرق زيناتي باب الفلسفة السياسية عند ابن باجة، الذي يُعدّ ربيب العمل السياسي والدبلوماسي وصاحب الخبرة الطويلة بالحكام والتقلبات السياسية.

في الفصل السابع والأخير، أثر فلسفة ابن باجة، يتحرى المؤلف أثر فلسفة ابن باجة المباشر في الفلاسفة العرب، ويحدد من بينهم ابن طفيل، وابن رشد الذي سار على خطى ابن باجة تماماً، وموسى بن ميمون الذي أعجب به كثيراً واتفق معه في مسألة الفضائل الأخلاقية. كذلك يتحرى أثر ابن باجة في فلاسفة الغرب ولا سيما إكهارت الذي انتهج التصوف العقلاني، وسبينوزا الذي نجد في كتابه علم الأخلاق نقاط التقاء كثيرة مع ابن باجة.

في خاتمة الكتاب، يقول زيناتي إنه على الرغم من أن الفلاسفة العرب لم يستطيعوا أن يخرجوا عن سيطرة أرسطو، الأمر الذي كان يحرمهم من نقده وتقديم الجديد من بعده، فإن ابن باجة خالف أرسطو في نظرية المعرفة وإنسانه الاجتماعي، وأخرج تالياً الفكر العربي من سجنه. ثم بطرحه إشكالية ما إذا كانت الفلسفة العربية محاولة توفيق بين الدين والفلسفة، يخلص إلى أن الفلاسفة بمعظمهم لم يرغبوا في أي صراع مع العقيدة، بل مجرد الانصراف إلى بحوثهم بحرية، وتأمين حماية الحاكم لهم.

*جورج زيناتي

باحث وأكاديمي من مواليد حيفا (1935)، يحمل دكتوراة دولة في الآداب والعلوم الإنسانية من جامعة باريس. عمل أستاذاً للفلسفة الحديثة والمعاصرة والدراسات العليا في كليتي التربية والآداب في الجامعة اللبنانية، ورئيساً لتحرير مجلّة الباحث في فرنسا. له مؤلفات عدة بالعربية، منها: رحلات داخل الفلسفة الغربية والظمأ الأبدي، والحرية والعنف.

ترجم عن الفرنسية: انفعالات النَّفس (رينيه ديكارت)؛ تاريخ بيزنطة (جان – كلود شينيه)؛ الفلسفة الأخلاقية (مونيك كانتو سبيربر وروفين أوجيان)؛ الذات عينها كآخر والذاكرة، التاريخ، النسيان (بول ريكور).

برمجة وتصميم المرام